تأخر سلخ المحاكم التجارية من «المظالم» يفوت على الخصوم حسم قضاياهم

تأخر سلخ المحاكم التجارية من «المظالم» يفوت على الخصوم حسم قضاياهم

(فداء البديوي من الرياض)
تأثر عدد من القضايا التجارية بتأخر تنفيذ سلخ المحاكم التجارية من قضاء ديوان المظالم الإداري إلى القضاء العام التابع لوزارة العدل، وذلك وفقا لتأكيدات محامين، نتيجة لعدم عمل الدوائر التجارية في ديوان المظالم بالنظام القضائي الخاص بالمحاكم التجارية، التي يفترض أن تطبق النظام بعد تنفيذ السلخ، حيث يستبعد قضاة المظالم عددا من القضايا التجارية لعدم الاختصاص، مما يفوت على الخصوم حسم قضاياهم.

القضاة يستبعدون القضايا لعدم الاختصاص

وهنا قال المحامي محمد الجذلاني؛ القاضي السابق في ديوان المظالم المحامي، إن استبعاد القضاء التجاري حاليا لأنواع أساسية داخلة ضمن القضاء التجاري ويحكم بعدم اختصاصه بها، ضيق نطاق القضايا التجارية جداً، مع قناعة كل قضاة القضاء التجاري بخطأ هذا الاجتهاد، إلا أنهم لا يملكون تعديله لكونه نتيجة مبادئ قضائية قديمة وضعها قضاة الديوان سابقاً واستمرت إلى اليوم، مع مخالفتها الصريحة لنظام المحكمة التجارية.

بيد أنه تفاءل بتحسن الوضع عندما يتم السلخ، وقال "على نقيض ذلك ستفتح المحاكم التجارية الباب على مصراعيه، وتتوسع في نظر دعاوى غير تجارية بمجرد انتقالها لوزارة العدل عملاً بنص نظام المرافعات الشرعية الذي أنادي بتعديله، وبالتالي يتضح أننا بين نقيضين تماماً؛ إما تضييقا كبيرا لدرجة إخراج نزاعات تجارية واضحة من اختصاص القضاء التجاري وإما توسعا مبالغا فيه بإدخال نزاعات لا تعد تجارية ضمن اختصاص القضاء التجاري، وبالتالي إغراقه في غير اختصاصه".

تخصيص المحاكم له عدة فوائد، أبرزها تسهيل إجراءات التقاضي وتسريع البت في القضايا.

ولفت الجذلاني إلى أبرز الفوائد المرتقبة لنقل المحاكم التجارية إلى وزارة العدل، تتمثل في بدء تطبيق اختصاصات القضاء التجاري الواردة في نظام المرافعات الشرعية التي تختلف تماماً عن المعمول به حالياً في القضاء التجاري، سير القضاء التجاري نحو الاستقرار والوصول لمرحلة النضج وتراكم الخبرة الضرورية لنجاحه، استقرار قضاة القضاء التجاري بعد وضوح الرؤية لهم واستقرارهم النفسي والوظيفي في محاكمهم الجديدة، ما يعتبر حافزاً نحو مزيد من العطاء، سيكون لكل ذلك آثار إيجابية كبيرة على تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وجذب رؤوس الأموال المهاجرة.

واستدرك أن "هناك خطأ في الاختصاصات التجارية الجديدة أتمنى مراجعته وتعديله، وهو أن الاختصاصات الواردة في النظام اشتملت على بعض أنواع القضايا التي لا يمكن اعتبارها تجارية، وهذا النوع من الدعاوى في حال نظرته المحاكم التجارية فسيؤدي لإغراق المحاكم التجارية بكم هائل من الدعاوى التي لا يمكنها القيام بها على الوجه المأمول وسيحدث ذلك خللاً في أداء القضاء التجاري".

من جهته، قال المحامي ناصر التويم رئيس لجنة المحامين في غرفة مكة المكرمة، "اطلعت على قضايا متعددة خلال الفترة السابقة ضاع فيها وقت الخصوم وجهد القضاة في إصدار أحكام في الاختصاص"، لذلك جزم أن تنفيذ مشروع سلخ المحاكم التجارية من محاكم ديوان المظالم إلى محاكم وزارة العدل سيكون له أثر إيجابي واسع على جودة الأحكام وسرعتها.

وأشار التويم إلى أن تخصيص المحاكم في المملكة له فوائد متعددة من حيث تسهيل إجراءات التقاضي وتسريع البت في القضايا على ألا تكون الأنظمة مخالفة للكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة ومبادئ الشريعة ومقاصدها، مضيفا أن "الشارع الحكيم أجاز لولي أمر المسلمين أن يخصص القاضي نوعياً، ولذلك لا يجوز للقاضي أن يحكم فيما لم يخصصه به ولي الأمر ولو فعل فحكمه باطل".

من جانبه، ركز تركي الرشيد المستشار القانوني والمحامي، على الفوائد المرتقبة في الساحة الحقوقية بعد تفعيل سلخ المحاكم التجارية إلى القضاء العام، من حيث إكمال مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، تطبيق وتفعيل المتبقي من نظام القضاء الجديد والصادر عام 1428هـ، إعمال وتفعيل اختصاصات المحاكم في تخصصاتها النوعية لاكتمال منظومتها بشكلها النظامي والمطلوب، ممارسة المحاكم اختصاصها النوعي ومنها المحاكم التجارية يخفف العبء ويوجهه ويجعله في مكانه الصحيح.

وبين أن التخصيص أصبح مطلبا وغاية للإنجاز، تحديد الاختصاص في المحاكم هو بوابة التخصص للمحامين وتخصيصهم لأنفسهم باكتمال المنظومة القضائية حيث يتبعها المحامي المتخصص.

ويؤكد المحامي الرشيد أن تنفيذ سلخ المحاكم التجارية سيمثل عقدا ذهبيا نظاميا بامتياز طال انتظاره بشغف من المختصين والمهتمين.

وكان للمحامي الرشيد وجهة نظر في كون تأجيل سلخ المحاكم التجارية يحمل مصلحة؛ لأن الهدف ليس السلخ فقط، بل ضمها للمكان الأصيل لها وهو القضاء العام، حيث يقول "لا بد أن تكون هنالك جاهزية في المكان والزمان والعمل، فالسلخ ليس بالأمر السهل، كما حدث في سلخ الدوائر الجزائية في ديوان المظالم وضمها إلى المحاكم الجزائية في القضاء العام، وهذا يعود إلى الترتيب الإداري وعدم تكدس القضايا وعدم تأخر العمل والإنجاز، كل هذه تنصب في مصلحة القضية والقضايا والمتقاضين وفي مصلحة المحاكم، لأنها تحتاج إلى مكان وزمان وعمل مناسبة، لكون السلخ يتطلب توقف العمل لفترة حتى تكتمل المنظومة.

المصدر: 
صحيفة الاقتصادية